مشي حالك
أمل وعمل
د. إبراهيم محمد باداود
صحيفة المدينة
الأربعاء 26/02/2014
تنتشر في المجتمعات العديد من الثقافات وذلك وفقًا لما تعوّد عليه أفراد المجتمع، فعلى سبيل المثال بالنسبة للمواعيد تجد أن من الشائع أن تسمع بأن فلان مواعيده إنجليزية، أي أنها دقيقة جدًا، والإيطاليون اشتهروا بدقة القياسات والتفصيل، أما الفرنسيون فاشتهروا بالجمال والفن والإبداع، واليابانيون بالاحترام والتقدير.
أما مجتمعاتنا فقد اشتهرت وللأسف بثقافة (مشي حالك)، وهي ثقافة بعيدة كل البعد عن ديننا الحنيف، الذي أوصانا فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم- بوصية قال فيها: (إذا عمل أحدكم عملًا فليتقنه)، ومع ذلك فنحن أبعد ما نكون عن تطبيق هذا التوجيه، وجل أعمالنا تنطلق من خلال مبدأ (مشي حالك)، بل وينافس هذا المبدأ مبدأ آخر عقيم وهو: (ليس بالإمكان أحسن مما كان).
إن الإتقان منهج عظيم، يجب أن نسعى جميعًا نحوه، وننطلق في اتجاهه إن أردنا أن نُحقِّق آمالنا وطموحاتنا المستقبلية، وأن يكون لنا شأن بين الأمم، فلا شيء يأتي من فراغ، ولا يمكن أن يكون هناك أي تقدم ورقي وحضارة من خلال ثقافة (مشي حالك)، بل سيكون هناك تراجع وتقهقر، وكم أتمنى أن ترفع كل إدارة ومؤسسة شعار: (الإتقان منهجًا وتطبيقًا عمليًا)، يحاسب المسؤول نفسه أولًا، ثم يحاسب فريق عمله، ونسعى جميعًا إلى أن نرتقي بمستوياتنا الاجتماعية إلى مراحل متقدمة، فلا مجال لأن نضيع مزيدًا من الوقت، ومن المؤلم ألاّ نستفيد من أخطائنا، وأن نقبل على أنفسنا أن تنقل الأجيال من بعدنا سلبياتنا، فعلينا واجب كبير، وهو أن نغير مجرى حياتنا من خلال نشر ثقافة الإتقان، وأن نزرع في نفوس أبنائنا والجيل القادم بصفة عامة معنى الإتقان.
إن عصرنا الحالي هو عصر القوة والتحدي، ولا مكان للضعفاء فيه، ولن تكون هناك قوة دون إتقان، فالإتقان والجودة من أهم عوامل نجاح الأعمال، ومن أبرز ما ينبغي أن نهتم به وننشره من حولنا بين أفراد المجتمع.